يوميات المعرض الدولي للكتاب : فاعلون حقوقيون يسلطون الضوء على ظاهرة تزويج القاصرات ويدعون إلى تغيير العقليات قبل القوانين
شهد رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان وشركائه، اليوم الخميس 4 أبريل 2013، في إطار فعاليات الدورة 19 للمعرض الدولي للكتاب والنشر (الدار البيضاء من 29 مارس إلى 7 أبريل 2013) تنظيم جملة من اللقاءات والندوات همت مواضيع ارتبطت على الخصوص بتزويج القاصرات، الإدماج الشامل للأطفال ذوي الإعاقة، مجلس الأسرة والطفولة، القضية الفلسطينية و الإبداع والتعبير في علاقتهما بالفضاء العام.هكذا، نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان ببني ملال -خريبكة، في إطار فقرة "ديناميات اللجان الجهوية لحقوق الإنسان"، لقاء حول ظاهرة تزويج القاصرات شارك فيه كل من ليلى الخياطي وسامية لمراني، عضوان باللجنة. وقد سلطت المتدخلتان وكذا المشاركون في النقاش الضوء على ما تنطوي عليه ظاهرة تزويج القاصرات من انتهاك صارخ لحقوق الطفلة، مبرزين أن المواثيق الدولية، لاسيما اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب وكذا التشريعات الوطنية خاصة الدستور ومدونة الأسرة (المادة 54) تنصان على حظر انتهاك حقوق الطفل.
وقد أجمع المشاركون خلال اللقاء على أن المقاربة القانونية تظل غير كافية لوحدها في التعاطي مع الظاهرة، مبرزين في المقابل ضرورة تغيير العقليات والسلوكات من خلال تكثيف جهود التحسيس والتربية في الاتجاه الذي يرفع من الوعي بحقوق الطفل وإلزامية صيانتها من كل انتهاك.
وبعد أن أبرزوا ما للمواطن من دور في استمرار هذه الظاهرة، شددوا على ضرورة انخراط السلطات في القضاء على تزويج القاصرات وإشراك المجتمع المدني إشراكا فعليا، كما أشاروا إلى وجوب إعادة النظر في نطاق السلطة التقديرية الممنوحة للقاضي للبث في طلب قبول تزويج القاصر، مضيفين أن استمرار "زواج الفاتحة" ببعض المناطق يفتح الباب نحو تزويج القاصرات. كما دعوا إلى الرفع من السن القانوني للتعليم الإجباري والحرص على تطبيق قانون إجبارية التعليم.
وفي نفس الفقرة، نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بطنجة، لقاء حول موضوع "التدخل المبكرة من أجل الدمج الشامل للأطفال في وضعية إعاقة في التربية والتكوين" شارك فيه كل من السيد أحمد العيداني، عضو اللجنة، والسيد سليمان العمراني، رئيس جمعية "حنان". وقد قدم السيد العيداني خلال هذا اللقاء تعريفا للتدخل المبكر، باعتباره "مجموعة من الأعمال الموجهة للوقاية والرعاية الاجتماعية للأطفال الذين يوجدون في وضعية خطيرة أو في وضعية إعاقة...". ويرمي التدخل المبكر، انطلاقا من المبادئ العلمية التي يتأسس عليها (طب الأطفال، طب النفس، علم التربية، الترويض الطبي وعلم اللغة...) إلى اتخاذ مجموعة من التدابير لفائدة الأطفال ذوي الإعاقة أو المهددين بالإصابة بها التي تسهل النضج المناسب في جميع المجالات وتسمح ببلوغ أقصى مستويات النمو الشخصي والاندماج الاجتماعي.
وقد تم في هذا الإطار عرض تجربة جمعية "حنان" في مجال الدمج التربوي المبكر للأطفال ذوي الإعاقة. وتقوم فكرة الدمج التربوي الشامل على ضمان انخراط الأطفال ذوي الإعاقة في النظام التربوي السائد على اعتبار أن المؤسسات التعليمية ينبغي أن تقبل جميع التلاميذ بغض النظر عن حالتهم البدنية أو الفكرية أو الاجتماعية.... ولإنجاح الدمج التربوي الشامل، يتعين القيام بجملة من التدابير منها التعليم التعاوني (عمل التلاميذ في إطار مجموعات صغيرة لتبادل المهارات)، تكييف أساليب التدريس والممارسة التعليمية، تعديل المواد والوسائل التعليمية، توفير الأساتذة المساعدين داخل القسم، التعلم من خلال الأقران (التعلم بالنظراء) والتعليم المتعدد المستويات (توزيع التلاميذ إلى مجموعات متجانسة).
من جهة أخرى، احتضن الرواق لقاء في إطار فقرة "جيوسياسية حقوق الإنسان" نظم تحت شعار "فلسطين حرة" نشطه السيد محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، واستضاف السيد راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
وقد قدم السيد الصوراني، صورة قاتمة عن وضعية حقوق الإنسان بفلسطين، مشيرا إلى ما يرتكب في حق مدنييها من أطفال ونساء ومسنين وعزل من انتهاكات يومية لحقوق الإنسان، أمام أعين المجتمع الدولي. كما اعتبر أن عدم وحدة الصف الفلسطيني والتفرقة التي باتت تسود مختلف أطيافه، باتا بؤثران سلبا على جهود حماية حقوق الفلسطينيين.
وكان لزوار الرواق موعد مع قراءة لمقتطفات من مسرحية "حادة" لكاتبها جواد السوناني، تلاها رامي فجاج، مدير مؤسسة الفنون الحية. ومسرحية حادة عبارة عن بوح فردي أو مونولوج ذاتي حول مسار ومصير حادة منذ الصغر في علاقتها مع الذات والإله والآخر، الرجل تحديدا. وتتناول المسرحية مواضيع اجتماعية حساسية من قبيل الإغتصاب، الشطط في استعمال السلطة، النفاق الاجتماعي، إشكاليات العلاقة مع الجسد....تعالجها في إطار كوميدي لا يخلو من دراما.
دائما في مجال الإبداع، نظم بفضاء اللقاءات بالرواق، لقاء ضمن فقرة "الشباب المغربي" حول موضوع "الإبداع، التعبير والفضاء العام" قام بتسييره المهدي بوشوا، ناشط حقوقي، وشارك فيه كل من رشيد برومي، كاتب وملحن، وفتاح نكادي، أستاذ موسيقى وملحن ومغني ونعيمة زيطان، مخرجة وكاتبة مسرحية. وحبلت المداخلات بجملة من التعاريف للفضاء العام يتقاطع أغلبها في كونه المجال المفتوح للجميع بدون قيود والمكان المشترك بين الناس، مشيرة إلى الصراع الأبدي حول من يملك الفضاء العام؟.
وبرزت خلال هذا اللقاء الدعوة إلى ضرورة تيسير ولوج المبدعين للفضاء العام، وجعل هذا الأخير مجالا للقاء بين المبدع والمتلقي، على أن يتم ذلك بالموازاة مع تربية الناشئة، انطلاقا من المدرسة، كفضاء عام، على تذوق الفن بكل تعابيره. كما تمت الدعوة إلى ضرورة توضيح بعض المفاهيم التي تثير جملة من الإشكاليات المتصلة بإنتاج وتلقي العمل الفني من قبيل "الفن النظيف"... كما تمت الإشارة إلى أن الإبداع الفني يظل مجالا للتلاقح والتفاعل بين مختلف الثقافات وليس بالضرورة تعبير صرف عن الهوية المحلية لكن دون أن يكون طمسا لها.
على صعيد آخر، احتضن فضاء اللقاءات جلسة، ضمن فقرة "أوراش المجلس الوطني لحقوق الإنسان" حول المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، عملت على تسيير أطواره السيدة السعدية وضاح، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وشارك فيه كل من السيدة نجية الزراري، عن الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، والسيد رشيد ركبان، رئيس الفريق التقدمي الديمقراطي بمجلس النواب والسيدة رشيدة الطاهري، برلمانية وناشطة حقوقية ونسائية ووداد بواب، عن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب-فرع مراكش، ومحمد الصغير جنجار، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وقدم المتدخلون آراءهم ومقترحاتهم بخصوص المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، الهيئة الدستورية التي نص على إحداثها الدستور الجديد للمملكة. وهمت تلك المقترحات تركيبة المجلس واختصاصاته، وولايته، ومهامه وطريقة تنظيمه.
وشددوا في هذا الصدد، على ضرورة استقلالية هذه المؤسسة عند إخراجها إلى حيز الوجود، استقلالا سياسيا وماديا، وتمكينها من الولوج إلى كل المعطيات والمعلومات اللازمة لما تنجزه من دراسات أو تصدره من آراء ومقترحات، كما أشاروا إلى وجوب أن تشكل مناهضة العنف ضد النساء محورا رئيسيا في عمل هذا المجلس وأن يستند هذا الأخير على مقاربة حقوقية صرفة ارتكازا على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الجاري بها العمل. كما يتعين على المجلس تفعيل فلسفة وروح الدستور خاصة في ما يتصل بإعمال المساواة والمناصفة والانفتاح والاعتدال....