دراسة حول موضوع الاتجار في البشر
انطلاقا من اختصاصات المجلس المتعلقة بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وبناء على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتنفيذا لالتزامات بلادنا في هذا الشأن، ورغبة من المجلس الاستشاري في تحصين المكتسبات التي حققتها بلادنا في مجال حقوق الإنسان وترصيد منجزاتها. عمل المجلس على عقد استشارات مع القطاعات الحكومية المعنية (وزارات: الداخلية، العدل، الشؤون الخارجية والتعاون، التشغيل والتكوين المهني، التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، الجالية المغربية بالخارج)، ومع الهيئات المتخصصة والخاصة (المندوبية السامية للتخطيط، مجلس الجالية المغربية بالخارج، مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين بالخارج، المرصد الوطني لحماية الطفل)، إضافة إلى البرلمان (مجلس النواب، مجلس المستشارين) وبعض جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالموضوع.
كما شارك المجلس في لقاءات دولية حول موضوع الاتجار بالبشر، واضطلع على تجارب دولية ناجحة وممارسات فضلى في هذا المجال، وعمل على دراسة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة، واستأنس ببعض الدراسات والإحصائيات المتوفرة حول الموضوع.
ولمعالجة هذا الموضوع ذي الأهمية الخاصة، وبعيدا عن كل محاولات التضخيم أو التهويل من حجم الظاهرة في الواقع المغربي، انطلق المجلس من زاوية حقوق الإنسان، وبمقاربة تشاركية ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار الحجم الحقيقي للظاهرة والمجهودات الوطنية لمكافحتها، وتداعياتها الدولية، وسبل التعاون الدولي والإقليمي والتجارب المقارنة الناجحة في المجال، وذلك في إطار رؤية حقوقية وتنموية تهدف لحماية كرامة الإنسان وحرمة النفس والجسد البشري مع توفير سبل التنمية والعيش الكريم.
انطلاقا من الإطار السابق، يرى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن الاتجار بالبشر يعد انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان*، على اعتبار أنه يخرق حق الإنسان الشامل في الحياة والحرية والتحرر من العبودية بجميع أشكالها، فضلا عن كونه يستهدف على الخصوص الأطفال، مما يؤدي إلى التقليل من حاجة الطفل الأساسية لينمو في بيئة آمنة، وحقه في التحرر من الإيذاء والاستغلال الجنسي، إضافة إلى أن الاتجار بالبشر يصيب في غالب الأحيان النساء، مما يعد ضربا من ضروب الإهانة والحط من الكرامة الإنسانية والاعتداء السافر على حرمة الإنسان المنصوص على تحريمها ومكافحتها في كل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
عرف البروتوكول الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال (2000)، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 1951، الاتجار بالأشخاص بكونه "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.
1- مظاهر الاتجار بالبشر
- الاتجار بالأطفال من خلال البيع والعمل في المواد الإباحية والسياحة الجنسية؛
- الاستغلال الوظيفي من خلال العمل القسري؛
- الرقيق الأبيض الذي يمارس عليه الاستغلال الجنسي.
ويمكن تصنيف الضحايا حسب الفئات التالية:
- الضحايا من الأطفال
- الضحايا من النساء
- الضحايا من فئة خدم المنازل والعمل القسري
- ضحايا نزع الأعضاء
3-1- في مجال الانضمام للمواثيق الدولية ذات الصلة
عمل المغرب على الانخراط في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، بحيث قام بالمصادقة على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التالية:
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000، والتي صادق عليها المغرب في 19 سبتمبر 2002؛
- البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية لسنة 2000، والذي صادق عليه المغرب في 22 ماي 2002؛
- البروتوكول الاختياري للاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في المنازعات المسلحة سنة 2000، والذي صادق عليه المغرب في 22 ماي 2002؛
- اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1949، والتي صادق عليها المغرب في 17 غشت 1973؛
- الاتفاقية الخاصة بالرق لسنة 1926، والتي انضم إليها المغرب ووضع صكوك قبولها في 11 مايو 1959.
- اتفاقية حماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة 1991، والتي صادق عليها المغرب في 21 يونيو 1993.
- الاتفاقية المتعلقة بوضعية اللاجئين لسنة 1951، والتي صادق عليها المغرب في 7 نونبر 1956.
- اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، والتي صادق عليها المغرب في 21 يونيو 1993.
- اتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979، والتي صادق عليها المغرب في 21 يونيو 1993.
- اتفاقية منظمة الشغل الدولية رقم 29 حول العمل القسري لسنة 1930، والتي صادق عليها المغرب في 20 ماي 1957.
- اتفاقية منظمة الشغل الدولية رقم 105 حول إلغاء العمل القسري لسنة 1957، والتي صادق عليها المغرب في فاتح دجنبر 1966.
- اتفاقية منظمة الشغل الدولية رقم 182 حول أسوأ أشكال عمل الأطفال لسنة 1999، والذي صادق عليه المغرب في 26 يناير 2001.
وتجدر الملاحظة أن المغرب لم يصادق لحد الآن على:
- بروتوكول منع وقمع الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (تمت المصادقة عليه في مجلس وزاري في 7 ماي 2009، ولم تستكمل باقي الإجراءات الأخرى بخصوص المصادقة الرسمية عليه ونشره)؛
- البروتوكول الثاني المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المتعلق بمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.
*قرار اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها العامة 81 بتاريخ 4 دجنبر 2000، والذي أكدت فيه أن العنف الجنسي والاتجار بالنساء والفتيات لأغراض الاستغلال الاقتصادي، والاستغلال الجنسي عن طريق البغاء وغيره من أشكال الاستغلال الجنسي وأشكال الرق المعاصرة تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.