جبر الضرر الجماعي: حصيلة السنة الأولى على انطلاق البرنامج
بعد مرور سنة على إطلاق برنامج جبر الضرر الجماعي، عقدت لجنة الإشراف اجتماعها الرابع في 9 يوليوز 2008 بمقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وذلك بغية المصادقة على التقارير المرحلية والخطط العملياتية. وفي ما يلي نعرض لحصيلة سنة من النتائج المقنعة.سابقة في تجارب العدالة الانتقالية
تعتبر المقاربة المغربية لجبر الضرر الجماعي الأولى من نوعها ضمن جميع تجارب العدالة الانتقالية في مختلف أنحاء العالم، كما تنفرد التجربة المغربية بإدراج مقاربة النوع في برنامج جبر الضرر الجماعي المرتكز على برامج للتنمية المتكاملة وتعزيز قدرات الفاعلين المحليين.
وقد اعتبرت هيئة الإنصاف والمصالحة أنه بالإضافة إلى التعويضات وجبر الأضرار المستحقة لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ينبغي أن يشمل جبر الأضرار بعدا جماعيا؛ وهو بعد للمصالحة يستدعي بذل جهود إضافية للتضامن واتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تكافؤ الفرص وإطلاق مسلسل تدريجي للتمييز الإيجابي لفائدة المناطق والساكنة المعنية.
تم تطوير مقاربة جبر الضرر الجماعي
خلال فترة انتداب الهيئة بفضل تعبئة
الفاعلين المحليين بمختلف المناطق المعنية
التي قامت الهيئة فيها بتنشيط عشرات
اللقاءات والورشات. وقد توج هذا العمل
بتنظيم المنتدى الوطني حول جبر الضرر
في شهر شتنبر 2005، شاركت فيه أكثر
من 200 جمعية من مختلف مناطق المملكة.
وانطلاقا من نتائج أشغالها والاقتراحات
التي خرجت بها من هذا المنتدى، قامت
الهيئة بصياغة التوصيات المتعلقة بجبر
الضرر الجماعي بطريقة تسمح بإعادة
الاعتبار للمناطق والساكنة المعنية وبالحفظ
الإيجابي للذاكرة. كما تم التطرق إلى جبر
الضرر الجماعي انطلاقا من بعديه المادي
والرمزي.
دينامية من أجل المصالحة
200 فاعل محلي: 68 فاعلا جمعويا، 72 ممثلا عن المصالح الخارجية و24 منتخبا
محليا.
خلال السنة الأولى لبرنامج جبر الضرر الجماعي،
تم وضع الهياكل العملياتية والتقريرية (لجنة الإشراف،
وحدة تدبير البرامج والتنسيقيات المحلية) وتم تعزيز قدرات هذه الهياكل من خلال تنظيم 8 ورشات للتكوين والتخطيط لفائدة التنسيقيات المحلية، حيث شارك فيها أكثر من 200 فاعل محلي، من ضمنهم 68 فاعلا جمعويا و72 ممثلا عن المصالح الخارجية و24 منتخبا محليا، مما مكن من تحديد 282 نشاطا يتعلق بتعزيز القدرات وتطوير الخدمات والحفظ الإيجابي للذاكرة.
وفضلا عن الديناميات التي تم إطلاقها بشراكة مع الفاعلين المحليين ومختلف المتدخلين الحكوميين، وفي إطار برامج الشراكة مع المجلس
الاستشاري لحقوق الإنسان، انخرطت المؤسسات
التالية في برنامج جبر الضرر الجماعي:
وزارة الداخلية، وزارة الشبيبة والرياضة،
وزارة التشغيل والتكوين المهني، وكالة تنمية
الأقاليم الشرقية، صندوق الإيداع والتدبير،
وكذا مؤسسات دولية كالاتحاد الأوروبي
وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة.
مقاربة تشاركية ومدمجة على الصعيد المحلي
والمركزي
تم إعداد هذه المقاربة التشاركية والمدمجة لمختلف
الفاعلين على الصعيد المركزي وكذا المحلي خلال
فترة وضع البرنامج، كما تأتي هذه المقاربة لترسخ
البعد الرمزي لجبر الضرر بفضل الانخراط القوي
للدولة ممثلة في الحكومة والمنتخبين المحليين ولتضع
اللبنات الأساسية للمصالحة من خلال اعتماد سياسة
ترتكز على الحوار والتشاور وتبادل الآراء مع
المجتمع المدني والمنتخبين والحكومة؛ وهو ما
يبرهن على اعتراف الدولة بالأضرار الناجمة،
الشيء الذي سيتبلور أكثر في المرحلة الثانية التي تترجم البعد المادي لجبر الضرر والمتمثلة في إحداث مشاريع تنموية وتشييد نصب تذكارية وإعادة الاعتبار وتحويل مراكز الاحتجاز السرية إلى مشاريع سوسيو اقتصادية أو ثقافية، إلخ.
النهوض بحقوق المرأة وبدورها في مسار العدالة الانتقالية بالمغرب
بشراكة مع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، قام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتطوير استراتيجية تعتمد إدماج مقاربة النوع في مسلسل متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وخاصة في شقها المتعلق بجبر الضرر الجماعي. وينقسم المشروع الذي أطلق في شهر أبريل 2007 إلى مرحلتين:
تتمثل المرحلة الأولى في تعزيز القدرات ووضع الآليات لتمكين الفاعلين من تملك مقاربة النوع في إطار متابعة توصيات الهيئة؛ وقد تمثل الهدف من وراء هذه المرحلة التي وصلت نهايتها في ما يلي:
1. إجراء تحليل وتقييم لمسلسل الهيئة مرتكز على النوع الاجتماعي وتفعيل توصياتها من أجل تشخيص الوضع القائم واقتراح مؤشرات قياس إدماج النوع الاجتماعي وحقوق المرأة في مسلسل متابعة توصيات الهيئة؛
2. تعزيز قدرات الفاعلين المحليين وأطر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مجال مقاربة النوع وحقوق المرأة؛
3. تعزيز الحوار والتفكير على المستوى المحلي وعلى مستوى المجلس الاستشاري بخصوص مقاربة النوع الاجتماعي ومتابعة توصيات الهيئة؛
4. نشر السيرة الذاتية للنساء ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة خلال الفترة الزمنية 1956 - 1999؛
5. إطلاق ثلاثة مشاريع نموذجية في ثلاثة مواقع حددتها الهيئة وهي زاكورة والراشيدية (إملشيل) وفكيك.
وتتمثل المرحلة الثانية في التعزيز وتتمحور حول ما يلي:
1. التواصل والتحسيس حول العنف الذي تعاني منه المرأة؛
2. اقتسام التجربة المغربية في مجال النوع والعدالة الانتقالية وتعزيز تبادل الآراء والحوار بين مختلف المتدخلين والمتدخلات على المستوى المحلي والوطني؛
3. جعل التجربة المغربية نموذجا للتعريف بمعاناة النساء وكذا العنف الذي تعرضن له بطريقة مباشرة أو غير مباشرة والأضرار التي مست بهن من جراء انتهاكات حقوق الإنسان التي عرفها المغرب بين 1956 و1999.
خطط عمل جهوية لتعزيز القدرات وحفظ الذاكرة والتنمية
أفرزت مختلف اللقاءات والورشات المنظمة بالمناطق التي حددتها الهيئة خمسة محاور أساسية ستشكل موضوع المشاريع التي ستقوم بتفعيلها المنظمات المحلية غير الحكومية:
- تعزيز قدرات الفاعلين المحليين من أجل تعزيز المواطنة الإيجابية للساكنة المستهدفة. وهكذا، تم تحديد أربعة مواضيع هي التربية على حقوق الإنسان وتقنيات التواصل ومقاربات التدخل وتشجيع الحكامة؛
- حفظ الذاكرة من خلال إعادة الاعتبار لمواقع الذاكرة وكتابة تاريخ هؤلاء السكان وهذه المناطق. وفي هذا الصدد، تم اقتراح مجموعة من الأنشطة: إحداث فضاءات لحفظ الذاكرة وإنتاج أفلام سينمائية ووثائقية وتشييد نصب تذكارية...؛
- تطوير موارد للدخل الإضافي بغية تحسين ظروف عيش الساكنة؛
- حماية البيئة والمحافظة عليها من خلال إجراء أنشطة تحسييسية لفائدة الفاعلين المحليين في مجال البيئة؛
- الرقي بالخدمات التربوية والاجتماعية والبنيات الأساسية.
وبغية بلورة هذه الأنشطة، تم توجيه الدعوة للجمعيات المحلية بالأقاليم المستهدفة لتقديم اقتراحاتها بخصوص مبلغ إجمالي قيمته 14 مليون درهم برسم سنة 2008. ويستفيد هذا البرنامج من تمويل الاتحاد الأوروبي ووكالة الشرق ويدعم تفعيله صندوق الإيداع والتدبير.
وبالإضافة إلى الاتفاقيات الثلاثة الموقعة مع مختلف القطاعات الوزارية: وزارة الداخلية ووزارة الشبيبة والرياضة ووزارة التشغيل والتكوين المهني، يقوم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان باتصالات مع قطاعات أخرى من أجل تعبئة مساهمات مالية إضافية.
ومن بين إحدى مميزات التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية هي أنها استطاعت أن تجد بعض التوازن بين المقاربة القانونية المرتكزة على حقوق الضحايا وبين المقاربة الاجتماعية التي تسمح باستشراف المستقبل في مجالات المصالحة والإصلاحات والبناء الديمقراطي؛ وهذا ما مكن من بروز انفتاح اجتماعي ساهم، إضافة إلى النقاش العام، في التشجيع على تعبئة الفاعلين المحليين: المجتمع المدني والسلطات، وانخراطهم في دينامية وفقت بين جبر الضرر والمصالحة والتنمية.
ويتمثل التحدي اليوم في تعزيز هذه الدينامية وإعطائها بعدا وطنيا على مستوى الفاعلين المنخرطين وعلى مستوى المواضيع المعالجة التي تتطرق للإصلاحات المؤسساتية الهادفة إلى ضمان عدم تكرار الانتهاكات، وكذا للسياسات التي ينبغي وضعها لترصيد وتعزيز المكتسبات المتراكمة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.
--------------------------------------------------------------------------
مقاربة النوع في عمل هيئة الانصاف و المصالحة:
عملت هيئة الإنصاف والمصالحة على إدماج بعد النوع الاجتماعي في أنشطتها بغية إبراز خصوصية الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والآثار الناجمة عنها وكذا الطريقة التي واجهت بها هؤلاء النساء العنف السياسي. وترتكز هذه المقاربة على النقاط التالية:
- تنظيم جلسات (مغلقة) فردية أو جماعية للاستماع إلى عدد كبير من النساء ضحايا الانتهاكات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛
- استثمار المعطيات التي تم تجميعها لإبراز أصناف الانتهاكات والأضرار الناجمة عنها والخصائص الديمغرافية للضحايا؛
- دراسة الطلبات التي قدمها الرجال والنساء لإبراز خصوصية الانتهاكات حسب كل جنس؛
- إجراء دراسة كيفية حول "النوع والعنف السياسي" عبر تحقيق ميداني شمل سبع مناطق ونساء من فئات عمرية وثقافية واجتماعية مختلفة، عشن تجارب متنوعة. وقد اعتمدت الدراسة على "السيرة الذاتية" وعلى "المجموعات البؤرية"؛
- تنظيم لقاءات مع جمعيات نسائية لإشراكها في بلورة خلاصات تجارب النساء ومعاناتهن وصياغة التوصيات؛
- استثمار ورشة النوع، المنظمة في إطار المنتدى الوطني حول جبر الأضرار لتلقي إفادات وآراء واقتراحات فاعلين
حقوقيين محليين.
انظر التقرير الختامي لهيئة الانصاف و المصالحة (الكتاب الأول)
------------------------------------------------------------------------------------
التنسيقيات المحلية لجبر الضرر الجماعي:
- فكيك: تأسست في شهر أكتوبر 2007
- الراشيدية: تأسست في شهر أكتوبر 2007
- زاكورة: تأسست في شهر أكتوبر 2007
- ورزازات: تأسست في شهر نونبر 2007
- الحسيمة: تأسست في شهر يناير 2007
- الناظور: تأسست في شهر يناير 2007
- الحي المحمدي: تأسست في شهر يناير 2008
- خنيفرة: تأسست في شهر يناير 2008
- أزيلال: تأسست في شهر أبريل 2008
- طان طان: تأسست في شهر مارس 2008
- الخميسات: تأسست في شهر مارس 2008