الكلمة الإفتتاحية لرئيس المجلس السيد العربي المجبود
بسم الله الرحمان الرحيم
أصحاب المعالـي
سيادة الأمين العام
حضرات الـسادة
في اجتماعنا الأخير -¬الاجتماع الخامس- تركزت المناقشة، منذ البداية، حول عدم اجتماع المجلس طوال فترة ليست بالقصيرة وما انبثق عن ذلك من آثار سلبية على مؤسستنا، وأبديت الرغبة الأكيدة في تواتر الاجتماعات واستمرارها بصفة دورية حتى يظل المجلس في حالة يقظة مسترسلة، على استعداد دائم للانكباب على ما يكلف بدراسته وإبداء الرأي فيه، داخل اختصاصاته وتقيدا طبعا بأحكام الظهير الشريف المؤسس له والتوجيهات السامية، التي تضمنها الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك المعظم نصره الله يوم الاعلان عن تنصيب مؤسستنا هذه.
بيد أن المجلس إذا توقف ظاهرا عن استرسال نشاطه أثناء الفترة الفاصلة بين اجتماعيه الرابع والخامس، فلم يكن ذلك، في الواقع، سباتا أو تقصيرا بل استمر في تكثيف نشاطه وتـجنيده الدائم خدمة لهذا البلد الأمين والجالس على عرشه العتيد وسيبقى حريصا على أداء الواجب بنفس العزم ونفس الحماس. وفي هذا الاتـجاه أثيرت فكرة وضع برنامج طويل المدى يتضمن الأنشطة المستقبلية طوال مدة معينة على المستويين الداخلي والخارجي.
وبصرف النظر عن هذه الفكرة من حيث برنامج محدد النقط والمدة، أسفرت المناقشة، -وقد تبين أن أفضل الطرق وأنجعها المؤدية إلى وضع نصوص تشريعية سليمة تراعى فيها المبادىء التي يجب أن تراعى-¬ تتجسم في دراستها من لدن مجموعات عمل متفرعة عن المجلس، ورفع مقترحات بشأنها إلى السدة العالية بالله ليقرر الجناب الشريف، أعزه الله، ما يراه لائقا بخصوصها. على أمل دراسة مدونة الشغل ومشاريع القوانين التنظيمية التي أعدتها وزارة العدل والمتعلقة خصوصا بقانون المسطرة الجنائية والنصوص المتعلقة بالسجون.
ومن جانب آخر لم يفت المجلس، دفاعا عن إخواننا المحتجزين في مخيمات تيندوف وما يعانونه من أبشع المحن وتعذيب واحتقار والمس المتواصل بالكرامة البشرية، أن يؤكد رجاءه في استئناف نشاطه داخل مجموعة العمل المختصة استهدافا لفضح التصرفات اللاانسانية التي يتألم منها هؤلاء وتخفيف وطأتها على ضحاياها الأبرياء.
من ناحية أخرى عبر بعض السادة الأعضاء عن رأيهم بخصوص إدخال ما تمت الموافقة الملكية الشريفة عليه من اقتراحات وتوصيات في حيز التنفيذ، فألحوا على أن لاتبقى هذه الأخيرة مستقرة في مرحلة التقرير، وانه لمن الأكيد أن تحركها للقفز بها إلى إرقاء درجة الواقع الملموس لأمر مرغرب فيه، ومن شأنه أن يضفي على المجلس المصداقية التي يستحقها كمؤسسة تسعى، بجانب العاهل الكريم أيده الله، إلى توطيد حقوق الإنسان على أرض المملكة. وفي هذا الصدد عبر عن الأمل في أن تضاعف لجنة المتابعة نشاطها على مختلف الواجهات وبكل الوسائل الممكنة حتى يقتنع الجميع بأن هذا المجلس الموقر عازم على إدخال ما تم قراره في ميدان التطبيق الشامل. ولقد أعلن في هذا السياق عن تحبيذ زيارات ميدانية على مستوى مجموعات العمل استهدافا إلى التأكد من مدى تطبيق القاعدة القانونية أو الإجراء المقرر في حقل الممارسة.
وعلى المستوى الخارجي ¬ وقد اقتنع المجلس بالدور الايجابي للاعلام و اطلاع الرأي العام الدولي على وضعية حقوق الإنسان في المغرب¬ بدا من اللائق دراسة الأساليب الكفيلة بمواصلة ربط الإتصال بالمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأخرى، التي تهتم بحقوق الإنسان من قريب أو بعيد، قصد التعريف أكثر بما أنجزه المغرب في هذا المجال أو لإجراء حوار جدي كفيل بتبديد الأكاذيب والافتراءات بالبراهين الدامغة والأدلة المقنعة.
إن لمن الضروري أن يسجل حضورنا باستمرار في الساحة الدولية لنرد على كل اتهام فورا وفي اللحظة نفسها التي يشار الينا بأصابع اللوم والوشاية. وإن لمن مصلحة المغرب أن يكون بواسطة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بارز الحضور في كل تظاهرة تمت لاختصاصاته بصلة.
وسعيا إلى بلورة هذه الرغبات والآراء والأماني، وتوسيع حقل النقاش بشأنها، وإرسائها على أسس خليقة بتحويلها إلى مقترحات جديرة برفعها إلى جلالة الملك، نصره الله، ليأخذ بشأنها قراره السامي السديد اجتمعت مختلف مجموعات العمل وانكبت على دراستها دراسة عميقة، كل منها داخل اختصاصها. وسيتفضل سيادة الأمين العام بعد لحظات بتقديم عرض مفصل عنها.
وتلبية لرغبة المجلس في عقد الاجتماع السادس في أقصر الآجال أصدر مولانا الملك نصره الله أمره المطاع بعقد هذا الاجتماع يومه الجمعة ثاني عشر فبراير 1993.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
رئيس المجلس
محمد العربي المجبود