ندوة "إحداث دار تاريخ المغرب": لبنة أولى في مسلسل تأسيس مؤسسة تحتفي بالتاريخ المغربي وتستشرف آفاق المستقبل
اختتمت يوم الأحد 14 أكتوبر 2012 فعاليات الندوة الدولية التي سهر على تنظيمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان لإرساء اللبنة الأولى لمشروع إحداث دار تاريخ المغرب. وتأتي هذه الندوة الدولية العلمية، المنظمة بمدينة الدار البيضاء تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مدى يومين، في إطار تنفيذ برنامج مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف والتاريخ والذاكرة (IER2)، الممول من طرف الاتحاد الأوربي.
اختتمت يوم الأحد 14 أكتوبر 2012 فعاليات الندوة الدولية التي سهر على تنظيمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان لإرساء اللبنة الأولى لمشروع إحداث دار تاريخ المغرب. وتأتي هذه الندوة الدولية العلمية، المنظمة بمدينة الدار البيضاء تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مدى يومين، في إطار تنفيذ برنامج مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف والتاريخ والذاكرة (IER2)، الممول من طرف الاتحاد الأوربي.
وقد شهدت الندوة، المنظمة بشراكة مع المؤسسة الوطنية للمتاحف وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط-أكدال وجمعية الدار البيضاء الكبرى-كاريان سانطرال، تحت شعار "من أجل إحداث دار تاريخ المغرب: التاريخ والثقافة والتراث"، مشاركة أزيد من 50 مشاركا، منهم جامعيون من مختلف التخصصات وممثلو مؤسسات عمومية وخاصة وفاعلون من المجتمع المدني وثلة من المؤرخين المغاربة ومؤرخون أجانب من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وإسبانيا والسينغال لهم أعمال معروفة عن تاريخ المغرب.
وخلال كلمة افتتاح هذا اللقاء العلمي، أبرز السيد ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أهمية مشروع إحداث "دار تاريخ المغرب" واعتبر أنه مشروع وطني هام وطموح يتطلب تعبئة عدد كبير من
الفاعلين لصياغة تصورات أولية لمواصفات هذه المؤسسة ووضع منطلقاتها وأسسها العلمية وتقويم متطلباتها المالية وكل ما يستلزمه إحداثها...، مشيرا أن المجلس اختار لوضع لبنتها الأولى مقاربة تقوم على أساس تعدد التخصصات وإشراك مؤرخين وجغرافيين وسوسيولوجين وانثروبولوجيين ولسانيين وفلاسفة وباحثين في العلوم السياسية وفي تخصصات أخرى للنقاش وتبادل الرأي بخصوص هذا المشروع، في أفق توسيع هذه المشاركة للاستفادة من كل الخبرات الممكنة لضمان سبل إنجاحه.
وأوضح السيد اليزمي أن مصطلح "دار" يزخر بدلالات لغوية ولسانية وتاريخية وأنتروبولوجية وثقافية ودينية وسياسية عديدة في السياق المغربي، مبرزا أن إحداث هذه الدار يعد تجربة رائدة في بلادنا وحتى على الصعيد العالمي، على اعتبار ندرة الدور المخصصة كليا للتاريخ... كما أن هذه المؤسسة، يضيف السيد اليزمي، ستدعم بشكل فعال الدينامية الثقافية التي تشهدها بلادنا وستساهم في خدمة المواطنة والديموقراطية، خاصة أن من شأن قراءة التاريخ وتأمل الماضي المساهمة في الاطمئنان على الحاضر والاستعداد لرفع تحديات المستقبل.
ومن جانبه، اعتبر السيد مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، أن الهدف من إحداث دار تاريخ المغرب يتمثل في جعل التاريخ رافعة للحاضر، حاضر ذي دينامية ومنفتح على المستقبل دائما، مؤكدا أن من شأن إحداث هذه المؤسسة إعادة الاعتبار لتاريخ المغرب والتصالح مع الماضي، ليعود ويبرز في آخر تدخله أن "من يعرف ماضيه وثقافته سيكون منفتحا على الآخرين ومستعدا أكثر للتعامل مع المستقبل."
أما السيد السيد عبد الرحيم بن حادة، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط-أكدال، فقد اعتبر مؤسسة
دار تاريخ المغرب صرحا سيساهم في إشعاع المعرفة التاريخية ويدعم مصالحة المغاربة مع تاريخهم، مشيرا إلى أن انخراط الكلية في هذه المبادرة مرده إلى المكانة التي يحتلها التاريخ، باعتباره حقلا وتخصصا معرفيا، في الكلية سواء من خلال منشوراتها التي تتناول حقبا مختلفة من تاريخ المغرب (أزيد من أربعمائة وخمسين منشورا ما بين 1964 و2012) أو من خلال عدد الأطروحات التي تمت مناقشتها بالكلية في موضوع التاريخ (291 أطروحة) أو من خلال إصدار مجلة "هسبيريس" (أصبحت تحمل اسم "هسبيريس تمودا" منذ 1961)، التي تعتبر "إحدى كبريات المجلات العلمية على الصعيد الوطني"، بحيث يعود تاريخ إصدارها لأول مرة إلى سنة 1921، بالإضافة إلى اعتبار الكلية المجلس الوطني لحقوق الإنسان شريكا أساسيا على المستوى الوطني، خاصة في مجال الاهتمام بالتاريخ الراهن، في إطار تفعيل وأجرأة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال التاريخ. ومن ثمار هذه الشراكة إطلاق سلك الماستر والدكتوراه، مؤخرا، في تاريخ الزمن الراهن وإحداث مركز للبحث في تاريخ الزمن الراهن وإحداث مركز الدراسات الصحراوية...
إلى ذلك أكد السيد مصطفى ملوك، رئيس جمعية الدار البيضاء الكبرى-كاريان سانطرال، أن اختيار مدينة الدار البيضاء لاحتضان مقر مؤسسة دار التاريخ، التي تعتبر هذه الندوة العلمية أولى لبناتها، موفق ومنطقي للغاية، باعتبار مكانة العاصمة الاقتصادية للملكة وتاريخها سواء على المستوى السياسي والنضالي والاقتصادي والعمراني والثقافي والفني...وحاضرها ومستقبلها. وإن كانت المدن الإمبريالية تختزل قرونا من التاريخ المغربي العريق فإن مدينة الدار البيضاء، يضيف السيد ملوك، تترجم التاريخ المعاصر والراهن لمملكة يعود تاريخ تأسيسها لأكثر من 12 قرنا.
ومن جانبها، ركزت السيدة كميليا سيكا، مساعدة رئيس مفوضية الاتحاد الأوربي بالمغرب، على انخراط الاتحاد الأوربي في جهود مواكبة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وأبرزت أن المغرب من الدول الناذرة التي أقدمت على فتح صفحة الماضي وأشادت بإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة وبمسلسل تنفيذ توصياتها، خاصة المتعلقة منها بالتاريخ والذاكرة، مشددة على أهمية "الذاكرة التاريخية" والذاكرة المشتركة في تحقيق المصالحة والتقدم والديمقراطية. واعتبرت السيدة سيكا أن مشروع إحداث دار تاريخ المغرب مشروع ثقافي مهيكل هام يستجيب إلى طلب اجتماعي مغربي في مجال التاريخ ويضع التاريخ بين يدي الجميع.
وفي ختام أشغال هذه الندوة الدولية، عاد السيد اليزمي للتأكيد على أن المشروع لا يهدف إلى إحداث مؤسسة ثقافية حول تاريخ المغرب فحسب بل كذلك مؤسسة للبحث والتكوين وتنشيط النقاش العمومي، مؤسسة مواطنة منفتحة على محيطها تتفاعل مع المؤسسات الثقافية الأخرى ومع الجامعة ومؤسسة أرشيف المغرب والمكتبة الوطنية ومؤسسة الأرشيف الملكي ووزارة الثقافة ومختلف الفعاليات المشابهة، ليعرج في الأخير على الإجراءات المستقبلية المزمع اتخاذها من قبيل إجراء دراسة الجدوى واختيار هيئة علمية للإشراف على المشروع وهيئة تسهر على ضمان الشروط الكفيلة بإحداث هذه المؤسسة.