المغرب يعتمد خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2011 - 2016
طبقا لتوصيات مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان المنعقد سنة 1993، أطلق المغرب في 25 أبريل 2008 مسلسل إعداد خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. حيث اعتبر المغرب ذلك ورشا وطنيا جماعيا يعتمد المقاربة التشاركية، ويجسد التزاما رسميا للحكومة، ينبع من إرادة سياسية تتوخى البحث المستمر عن آليات مستدامة لترسيخ أسس دولة الحق والقانون، وتعزيز مسلسل الإصلاح والدمقرطة.لقد قدمت وثيقة خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، في لقاء رسمي جمع الوزير الأول بأعضاء لجنة الإشراف يوم 9 يوليوز 2010، معلنة عن تتويج مسلسل تشاوري تشاركي، انطلق رسميا في المناظرة الوطنية المنعقدة بالرباط يومي 25-26 أبريل 2008، ليستمر طيلة سنتين، انطلقت مع تنصيب الوزير الأول يوم 3 دجنبر 2008 للجنة الإشراف، المكلفة بإعداد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وإسناد مهام رئاستها لوزير العدل وكتابتها العامة إلى السيد الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وعلى هدي المنهجية الدولية المعمول بها في هذا المجال، عمدت لجنة الإشراف إلى برمجة مختلف مراحل إعداد الخطة، كما أعدت الدراسات، وجمعت المعلومات والتقارير والخطط القطاعية، مما مكن من القيام بتشخيص حقيقي لحقوق الإنسان بالمغرب خاصة على مستوى السياسات العمومية.
وقد اتسمت الفترة الإعدادية بعمل جماعي دؤوب ومنسق، تخللته سلسلة من المناظرات وورشات العمل واللقاءات الوطنية والجهوية، التي نظمت في مختلف المدن والأقاليم وبعض المؤسسات الجامعية، بمشاركة فاعلين ينتمون لمختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والنقابات والمنظمات غير الحكومية. ومن أجل تحديد المحاور الإستراتيجية ذات الأولوية، شكلت لجنة الإشراف مجموعات عمل موضوعاتية، أشركت فيها فعاليات غير ممثلة في لجنة الإشراف، وانفتحت من خلالها على عدد من الجهات بالمغرب، حيث شكلت أعمالها وما أفرزته من نتائج، الأرضية التي استندت عليها أسس خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان التي شملت المحاور التالية:
1. محور الحكامة والديمقراطية: يرتكز هذا المحور، على مبادئ احترام حقوق الإنسان والمساواة وتكافؤ الفرص وإعمال طرق الحكامة الجيدة، بكل ما تقتضيه من شفافية ومحاسبة ومشاركة وإشراك. وتستحضر ضرورة إعادة بناء العلاقة بين المواطنين وأجهزة الدولة من جهة، وبينهم وبين الهيئات المنتخبة من جهة ثانية، عبر تحيين التشريعات وملاءمتها مع المعايير الدولية، وتمكين المواطنين من تقوية قدراتهم، والمشاركة في تدبير الشأن العام، وفي صنع القرارات المؤثرة في حياتهم، ومحيطهم اليومي. وبرز ذلك بشكل واضح على مستوى التوصيات التي انصبت بالأساس على:
- تعزيز المشاركة السياسية والنهوض بدور المؤسسات المنتخبة؛
-ترشيد وتعزيز الحكامة الترابية؛
- ترشيد الحكامة الأمنية؛
2. محور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية: حدد هذا المحور أولويات ذات صلة ببعض المجالات الحقوقية مثل: التربية، الحقوق الثقافية واللغوية، الصحة، الشغل، السكن، البيئة. و من خلال ذلك، تم السعي إلى تقديم مقاربة حقوقية لبعض القضايا، ذات الارتباط بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بالارتكاز على مبادئ المساواة، وتكافؤ الفرص، والتضامن، وطرق الحكامة الجيدة. مما سمح بتقديم عدد من التوصيات يتعلق أبرزها ب:
- منظومة تربوية جيدة داعمة للمواطنة والمساواة والتنمية المستدامة؛
- النهوض بمكونات الثقافة الوطنية من منظور حقوق الإنسان، خاصة اللغة والثقافة الأمازيغتين؛
- تأهيل المنظومة الصحية وضمان الولوج للخدمات الصحية؛
- سياسة تضمن الشغل وتكرس المساواة؛
- توجيه اجتماعي للسياسة السكنية؛
3. محور حماية الحقوق الفئوية والنهوض بها: اعتبرت الخطة حماية حقوق الفئات الاجتماعية في وضعية هشاشة، التي تعاني من التهميش والإقصاء مثل النساء المعنفات والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين أو المهاجرين، أولوية استراتيجية، تفرض تحسين ظروف عيش هذه الفئات، وعدم إقصائها، عبر إعمال مبدأ المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص، وتمكينها من تعزيز القدرات. وانعكس ذلك على مستوى التوصيات التي استهدفت:
- حماية وتعزيز حقوق الطفل؛
-حماية وتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛
-حماية وتعزيز حقوق الأشخاص المسنين؛
-ضمان وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين؛
4. محور الإطار القانوني والمؤسساتي: طرح هذا المحور الضمانة الدستورية لحقوق الإنسان، بوصفها أقوى الوسائل القانونية والمؤسساتية لترسيخ تلك الحقوق وحمايتها،إلى جانب إصلاح القضاء وتأهيله، وتقوية وتعزيز صلاحيات المؤسسات والهيئات الوطنية، وغيرها من الآليات المعنية بحماية حقوق الانسان، وانعكس ذلك على مستوى التوصيات التي جاءت على الشكل التالي:
- ضمان وحماية حق المشاركة في إدارة الشأن العام؛
-تعزيز الحماية القانونية لحقوق النساء؛
-تعزيز الحماية الدستورية والقانونية لحقوق الإنسان؛
-حماية الحق في حرية التعبير وفي الإعلام؛
- تعزيز وحماية الحق في التجمع والتظاهر؛
-حفظ الأرشيف وصيانته؛
.
إلى جانب المحاور السالفة الذكر، تقدم الخطة الوطنية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، تصورا لعدد من الأنشطة المتعلقة بإنجاز دراسات أو تنظيم ندوات أو حوارات، من شأنها أن تساهم في التفعيل الحقيقي للخطة، وتساعد في عملية التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان.
ومن أجل تنفيذ وتتبع وتقييم إنجاز خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، تم تقديم تصور إحداث آلية وزارية تناط بها مهمة تنسيق تنفيذ التدابير المتضمنة في الخطة، وإحداث آلية تتبع وتقييم سير الإنجاز ، تضم إلى جانب القطاعات الحكومية المعنية، ممثلي المؤسسات والهيئات الوطنية والمنظمات غير الحكومية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان وجامعيين، على أن يعين أعضاء الآليتين بمرسوم صادر عن الوزير الأول، ومن جهتها تقدم الحكومة تقريرا سنويا عاما عن سير أعمال تفعيل الخطة؛ إلى جانب تقارير قطاعية للجنة التتبع والتقييم كل ستة أشهر.